ظهرت أول حالة مؤكدة لفيروس كورونا في جنوب الصحراء الكبرى بأفريقيا في نيجيريا، الدولة الأكبر اقتصاداً والأكثر اكتظاظاً بالسكان في القارة، الأمر الذي يثير مخاوف من انتشار العدوى بسرعة وعرقلة الأعمال. وقد انتشر القلق عبر وسائل التواصل الاجتماعي النيجيرية يوم الجمعة، بعد أن ذكرت السلطات أن رجلاً إيطالياً كان يتلقى العلاج في مستشفى في العاصمة التجارية لاجوس (21 مليون نسمة). وأفاد مسؤولو الصحة أن الرجل، وهو ثلاثيني يعمل في شركة إسمنت نيجيرية، كان قد سافر إلى ولاية أوجون شمال غرب البلاد هذا الأسبوع، حيث طلب المساعدة لإصابته بالحمى. والآن يتعقب المحققون المسافرين الآخرين الذين وصلوا معه على متن رحلة الخطوط الجوية التركية القادمة من ميلانو. يقول «شيكو إيكويزو»، الرئيس التنفيذي لمركز نيجيريا لمكافحة الأمراض: «العمل الأكثر أهمية اليوم هو الاتصال بالركاب الآخرين»، مضيفاً أن المحققين جمعوا «خط سير مفصل» عن الوقت الذي أمضاه الرجل في نيجيريا.
وقد تراجعت الأسواق يوم الجمعة، فيما رفعت منظمة الصحة العالمية تقييمها العالمي لمخاطر الإصابة بفيروس كورونا إلى «مرتفع للغاية»، مما يحطم الآمال في إمكانية كبح الفيروس المستجد في الصين.
وذكر مسؤولون أنه تم الإعلان عن أكثر من 83.000 إصابة مؤكدة في 50 دولة، توفي منهم أكثر من 2800 شخص.
ورغم تعافي 36.000 مريض، فقد أعرب مسؤولو منظمة الصحة العالمية عن قلقهم من أن المرض قد ينتشر في بلدان بأفريقيا وأميركا الجنوبية.
وفي يناير الماضي، قال «تيدروس أدهانوم غيبريسوس»، مدير منظمة الصحة العالمية: «إن أكثر ما يهمنا هو احتمال انتشار المرض في دول تعاني من ضعف الأنظمة الصحية». وحتى الآن، أبلغت 26 دولة أفريقية عن حالات يشتبه في إصابتها بفيروس كورونا، وفقاً لمراكز أفريقيا لمكافحة الأمراض والوقاية منها. كما أكدت مصر والجزائر وجود حالات لديها. ويقول المسؤولون إن الحكومات سارعت لتعزيز جاهزيتها، لكن ثمة حاجة إلى مزيد من التدريب والمعدات الطبية المتخصصة لمواجهة التهديد شديد العدوى للجهاز التنفسي.
وقال مسؤول بوزارة الصحة الكينية، الخميس الماضي، إن عاصمة بلاده (نيروبي) مستعدة لعشرة مرضى فقط في جناح العزل الخاص بها، لكن من المتوقع الانتهاء من تجهيز مساحة أكبر في غضون شهر تقريباً.
ومن جانبه، أمر الرئيس الكيني «أوهورو كينياتا» بأن يتم الانتهاء من هذا التوسع خلال أسبوع. وفي يوم الجمعة الماضي، أعاد القضاة في المحكمة العليا فرض الحظر على الرحلات الجوية بين كينيا والصين، والتي تعد أكبر شريك تجاري لهذه الدولة الواقعة بشرق أفريقيا، وطالبوا بتعقب جميع الركاب الـ239 الذين وصلوا إلى نيروبي على متن رحلة قادمة من قوانغتشو (في الصين) هذا الأسبوع، ووضعهم في الحجر الصحي داخل منشأة عسكرية كينية.
وأظهر مسؤولو الصحة النيجيريون الثقة، يوم الجمعة، في سعيهم لتهدئة المخاوف. وقال «إيهيكويزو»، رئيس مراكز السيطرة على الأمراض في نيجيريا، إن بلاده «هي أكثر الدول الأفريقية اكتظاظاً بالسكان، وكذلك لاجوس هي العاصمة الأكثر اكتظاظاً في القارة».
وقالت السلطات النيجيرية إنه تم وضع المباني التي زارها رجل الأعمال الإيطالي قيد الحجر الصحي، وأصدرت تعليمات لمن تفاعلوا معه، بتسجيل درجات حرارتهم يومياً لمدة أسبوعين.
وقال «أوبافيمي همزات»، نائب حاكم ولاية لاجوس، في مقابلة صحفية، إن لاجوس بها أسرة جاهزة لاستقبال مئة شخص في جناح العزل إذا انتشر الفيروس. وأضاف: «حالياً لا يوجد سوى سرير واحد مشغول».
ومنذ اندلاع الأخبار، كان المصرفي «ماثيو ألو» (25 عاماً) يتجنب الحشود ويطهر يديه باستمرار. وقال: «الفيروس قاتل».
وعندما اجتاح فيروس إيبولا غرب أفريقيا في عام 2014، مما أسفر في نهاية المطاف عن مقتل 11300 شخص، سيطرت نيجيريا بسرعة على تفشي المرض. وتم تشخيص إصابة 20 نيجيرياً فقط بالفيروس، توفي ثمانية منهم.
ويقول المسؤولون إن الدروس المستفادة من ذلك الوقت تحدد نوع وحجم الاستجابة العاجلة لتهديد فيروس كورونا حالياً: فسرعان ما تم نقل أول مريض تم تشخيص إصابته بفيروس إيبولا في نيجيريا، وكان قد وصل البلاد قادماً من ليبريا، من مطار لاجوس مباشرة إلى المستشفى، مما ساعد على الحد من اتصاله بالآخرين.
ومع ذلك، لم يظهر الرجل الإيطالي أي علامات للمرض عندما وصل نيجيريا، وفقاً للمسؤولين، لذا كان من الممكن أن يعرض المزيد من الأشخاص الآخرين للفيروس أثناء رحلته.
دانييل باكيت
مديرة مكتب صحيفة «واشنطن بوست» في غرب أفريقيا
ماكس بيراك
مدير مكتب صحيفة «واشنطن بوست» في نيروبي
ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيور سيرفس»